الخميس، 6 يونيو 2013
12:47 ص

ثروت الخرباوى يكشف: «الإمامة والتقيَّة» حولت «الإخوان» إلى فرقة شيعية وسط أهل السنة ...أئمة الشر.. الإخوان والشيعة




 البنا وجد أن عقيدة الشيعة مناسبة لنفسيته وإحساسه بذاته.. فهو يرى أنه الإمام المهدى ويراه أتباعه أكثر من ذلك
لم يكن الغزل بينهما من طرف واحد، فالإخوان لا يضيعون فرصة إلا وتغزلوا فيها بإيران وسياستها، وكذلك كانت إيران تفعل، ففى موضوع محطات (البرنامج النووى الإيرانى) المستأنف تخصيبه، الذى يثير حالة قلق فى المجتمع الدولى وقف الإخوان بكل قوة للدفاع عن إيران، يقدمون لها المبررات، وكأنها لا تمثل أى وجه من أوجه الخطورة على المنطقة، أو كأن إيران دولة من الحمائم لا تسعى إلى التوسع على حساب منطقة الخليج كلها، حتى إن مهدى عاكف مرشد الجماعة أدلى بتصريح فى جريدة «النهار» الكويتية قال فيه عن البرنامج النووى الإيرانى، وهل يؤثر على أمن الخليج: «هذا البرنامج من حقهم، حتى ولو كان قنبلة نووية فهذا حقهم».
وقال أيضا: «وفى ما يخص المد الشيعى أرى أنه لا مانع فى ذلك، فعندنا 56 دولة فى منظمة المؤتمر الإسلامى سُنية، فلماذا التخوف من إيران وهى الدولة الوحيدة فى العالم الشيعية؟».
يُفصح مهدى عاكف هنا عن الضمير المستتر فى الجماعة، ضميرها الذى لا يرى غضاضة فى أن يمارس الشيعة نشاطًا يستهدف نشر مذاهب الطوائف الشيعية وسط أهل السنة، ولِمَ لا والمرشد الأول حسن البنا استطاع أن يقدم الشيخ الشيعى محمد تقى القمى للشيخ محمود شلتوت الذى أصبح فى ما بعد شيخًا للأزهر، ولِمَ لا والشيخ شلتوت أصدر فتواه بجواز أن يتعبد أهل السنة لله من خلال مذهب الإمامية الإثنى عشرية الشيعى مع ما فيه من مآخذ عقائدية أبسطها القول بعصمة الأئمة وكونهم فى مرتبة تلى مرتبة النبوة، إذ تؤمن فرق الشيعة بوجود إمام يرث العلم عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، هذا الإمام هو المسؤول فى عقيدتهم عن قيادة الأمة كلها بتكليف ليس من أحد من بنى البشر، لكن تكليفه هنا من الله عز وجل مباشرة، ومن أصول عقيدتهم التى ليس فيها تفريط أن هذا الإمام يكون معصومًا عن الخطأ، منزّه، لا يأتيه الباطل ولا يقترب منه قيد أنملة، هو أعلى من كل البشر، بل أعلى من الأنبياء سوى الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن أجل أنه معصوم وهو الذى يقوم بتبليغ الأمة دينها فإن هذا يقتضى استمرار الوحى وفقًا لبعض مذاهبهم، وفى مذهب الإمامية يقولون إن الأئمة منحهم الله سبحانه علمًا لدنيًّا مثل العلم الذى كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويُختار الإمام من قبل الله عز وجل لا بواسطة الناس، ويوصى كل إمام بالإمام الذى يليه، والأئمة بعد النبى صلى الله عليه وآله اثنا عشر من أهل بيته، أولهم سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه، وآخرهم الإمام المهدى المنتظر محمد بن الحسن العسكرى، وهو باقٍ منذ ولادته إلى يومنا هذا، غير أنه اختفى عندما دخل فى سرداب.
لا يجد الإخوان غضاضة فى أن ينتشر هذا المذهب الشيعى بين أهل السنة وفقا لمرشدهم مهدى عاكف، خصوصًا أنهم أعطوا أى الإخوان لحسن البنا منزلة شبيهة بمنزلة الإمام المعصوم، حسن البنا عندهم إمام ملهم لم يقع فى خطأ فى حياته قط، كما قال نجله أحمد سيف الإسلام حسن البنا فى حوار له بجريدة «المصرى اليوم» فى يونيو من عام 2011، ونفس القول تجده يتردد فى أدبيات الإخوان، بل إن هذه الجماعة احتفت بتاريخ البنا ورسائله وحياته وحركاته وسكناته، ولم تحتف بالرسول صلى الله عليه وسلم ولو بمقدار العشر!
فكرة الإمامية إذن ليست غائبة عن فكر الإخوان حتى إنهم أطلقوا على البنا لقب الإمام، وهو فى منتصف العقد الثالث من عمره! وكان قرب البنا من الشيعة هو الذى جعله يرى الإمامة فى نفسه، ويرى العصمة فى عمله، وتسرب هذا الفكر إلى جماعة الإخوان حتى أصبحت وكأنها أحد أفرع الشيعة وسط المجتمعات السنية، ورغم أن حرب جنوب لبنان عام 2006 كانت خاصة ببلد عربى، وهو أمر يهم كل العرب، فإن اقتراب الإخوان من حزب الله، واقتراب حزب الله من حماس الذراع العسكرية للإخوان، جعل تأييد الإخوان لحزب الله فى هذا الحرب يدخل فى نطاق «التمازج بين الاثنين»، فقد كان تأييد جماعة الإخوان المسلمين لحزب الله أكثر من صريح، كان دعمها لهم ليس خافيًّا على أحد، للدرجة التى جعلت مرشد الإخوان وقتها مهدى عاكف يقول فى مؤتمر صحفى عقده فى نقابة الصحفيين «إن الإخوان على استعداد أن يرسلوا أكثر من عشرة آلاف مقاتل لكى يقاتلوا مع حزب الله فى جنوب لبنان»! وبهذا التصريح تكون جماعة الإخوان قد خرجت عن تحفظها، وأظهرت أن لها كتائب تستطيع القتال بها بجانب حزب الله! وحين ظن البعض أن عبارة مهدى عاكف مرشد الإخوان هى فلتة من فلتات اللسان أطلقها دون أن يدرى أثرها، خرج علينا عصام العريان أحد المفكرين الكبار فى الجماعة الإخوانية على قناة «المنار» اللبنانية الشيعية ليقول: «باستطاعة الإخوان إرسال أكثر من مئة ألف مقاتل للوقوف كتفًا بكتف مع إخوانهم فى حزب الله».
وعلى نفس الوتيرة قال مهدى عاكف لقناة «الجزيرة»، برنامج «الحوار المفتوح»، بتاريخ 6/3/2004 وهو يتحدث مع المذيع غسان بن جدو عن الشيعة: «يا سيدى الكريم الشيعة والسُنَّة أمة واحدة، قِبلتها واحدة، دينها واحد، صلاتها واحدة، حجها واحد، على ماذا نختلف؟»، ثم أردف قائلا: «ثقافة الإسلام حينما تُربى المسلم إنما تربيه ليعبد الله ويأخذ طريقه إلى الجنّة، والإخوان المسلمون والحمد لله موقفهم فى هذا واضح، حينما يربون الشخص المسلم على هذا الفهم الإسلامى الجامع الذى لا يفرق بين مسلم، كل من قال لا إله إلا الله فهو مسلم، ويتبع المذهب الذى يطمئن قلبه إليه، فالمذاهب السُنّية والمذاهب الشيعية كلها مذاهب معتبرة تقود إلى الجنة إن شاء الله حينما يحترمها الإنسان، وأنا من وجهة نظرى أن هذا الذى يحدث الآن على الساحة العربية والإسلامية إنما نتيجة الجهل، ونتيجة خلو الثقافة الإسلامية والعربية من المقاصد الحقيقية لهذا الدين».
وفى نفس البرنامج قال الدكتور يوسف القرضاوى: منذ عشرات السنين بدأت دار التقريب بين المذاهب الإسلامية فى مدينة القاهرة، وكان فيها من أكابر العلماء الشيخ عبد المجيد سليم والشيخ محمود شلتوت والشيخ عبد العزيز عيسى والشيخ محمد المدنى، وكان معهم الشيخ حسن البنا وكان الشيخ تقى الدين القُمى يذهب إلى المركز العام للإخوان المسلمين، ويستقبله الشيخ حسن البنا المرشد الأول، وكانت قاعدتهم هى القاعدة الذهبية التى أقامها الشيخ رشيد رضا رحمه الله وتبناها الشيخ حسن البنا نتعاون فى ما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فى ما اختلفنا فيه، التقريب حدث منذ زمن بعيد، وأنا أذكر أننا استقبلنا السيد نواب صفوى رئيس جمعية فدائيان إسلام فى المركز العام، واستقبلناه فى جامعة القاهرة فى احتفال ضخم كبير، وكان من الأسباب التى أدت إلى حل الإخوان المسلمين وحدث بينهم وبين رجال الثورة فى ما بعد، المبادرات يعنى من قديمة، ويجب أن تستمر لا يجوز أن نيأس أبدا من جمع كلمة الأمة، وكما قال الأستاذ عاكف لماذا لا تجتمع هذه الأمة؟ وما الذى يفرق بينها وربها واحد وكتابها واحد ورسولها واحد وعقيدتها واحدة وقبلتها واحدة، كل شىء يُجمع هذه الأمة، لكن أعداء هذه الأمة هم الذين يحاولون تشتيت كلمتها وتفريق صفوفها، حتى لا يلتئم لها جمع ولا تجتمع لها كلمة، ويجب أن نكون أقوى من هذه المكايد، وأن نعلو عليها ونجمع كلمة الأمة، خصوصًا فى هذه الأوقات العصيبة.
وكان لا بد أن ترد إيران الهدية للإخوان، فبعد قيام الثورة المصرية الحديثة وقبل أسبوع من سقوط مبارك، وقف السيد على الخامنئى على منبر خطبة الجمعة فى الرابع من فبراير 2011، وأخذ يصول ويجول متحدثًا عن الثورة المصرية مشبهًا إياها بالثورة الإسلامية ضد شاه إيران، أعطى خامنئى وصف «الإسلامية» للثورة المصرية رغم أنها كانت ثورة الجميع لا ثورة فصيل بعينه، وكأنه من منبره كان يعطى إشارة البدء للجماعة الإخوانية حتى تستولى على هذه الثورة، والغريب أنه بعد هذه الخطبة مباشرة وقفت الجماعة الإخوانية موقفًا غريبًا من الثورة، إذ تركت الميادين وذهبت لتتفاوض مع السيد/ عمر سليمان، وكان من يتفاوض عنها هما محمد مرسى وسعد الكتاتنى، وبعد أن تم خلع مبارك ارتمت الجماعة الإخوانية فى أحضان المجلس العسكرى، وأخذت مسيرتها تدور حول دائرة واحدة فقط لا علاقة لها بمصلحة الدولة، لكنها ترتبط كل الارتباط بمصلحة الجماعة، فكان اتفاق الجماعة مع المجلس العسكرى فى استفتاء مارس 2011 على تعديل الدستور، وكانت الحرب المقدسة فى تعديل هذا الدستور، التى أطلق عليها الإخوان «غزوة الصناديق»، وظهروا وكأنهم يشنون حربًا دينية ضد الكفار الذين يعيشون فى المجتمع المصرى! وتحت الشعار الدينى وبريقه الذى يستلب عيون العامة والبسطاء استطاع الإخوان تحويل الثورة المصرية ظاهريًّا لتبدو وكأنها ثورة إسلامية، وحدث لهم ما تمنوه عندما نجحوا بشعاراتهم الدينية وبالرشاوى الانتخابية فى الاستيلاء على كثير من مقاعد البرلمان الذى مكنهم من إدارة معركتهم فى انتخابات الرئاسة، وعند إعلان فوز الدكتور محمد مرسى بانتخابات رئاسة الجمهورية بمصر كانت إيران الرسمية من أوائل المسارعين للتهنئة.
ويبدو أن السياسة كانت متداخلة مع العقيدة بحيث لا ندرى أكان التحالف الإخوانى الشيعى تحالفًا سياسيًّا استتر بالعقيدة، أم أنه كان تحالفًا عقائديًّا استتر بالسياسة، فالعلاقة بين إيران وحماس لا يمكن تفسيرها فقط بمنظور سياسى إنسانى، إنما يجب أن ندخل إلى التاريخ والعقيدة لنعلم كنه هذه العلاقة، يجب أن ندلف إلى نقاط الالتقاء التى وضعها القمى مع البنا، حينما قررا إنشاء دار التقريب بين السنة والشيعة، يجب أن نضع فى الاعتبار قيام الشيخ شلتوت بإصدار فتواه بجواز التعبد على أحد المذاهب الشيعية، ويجب فى ذات الوقت مراقبة علاقة حزب الله وخطابه الإعلامى تجاه جماعة الإخوان وتنظيمها الدولى، وخروج عديد من التصريحات من حزب الله تؤيد فيها مواقف جماعة الإخوان السياسية مهما كانت.
أيًّا كان الأمر فإن الصورة الكاملة للحالة «الإخوانية الشيعية» أظهرت أنهما «أمة واحدة»، فجماعة الإخوان كما قال البنا «ليس لها لون ولا تنحاز إلى طائفة ضد طائفة»، والشيعة تبحث لنفسها عن مكانة تتسيد بها على الأمة كلها وفقا لنوازعها التوسعية، ولا مانع فى رحلتها التوسعية أن تتحالف مع الإخوان، وكلاهما وضع الدين شعارًا له، وكلاهما ضاعت منه المقاصد العليا للإسلام، سواء ما يتعلق بحفظ العدالة والحرية والكرامة الإنسانية، وتعمير الأرض، كلاهما لا يبحث إلا عن الحكم والوصول إلى أستاذية العالم أو بمعنى أصح استعباده وإخضاعه، وهم فى الحقيقة قوالب جامدة لا حياة فيها، ولا قدرة لهما على تحويل أحلام اليقظة إلى واقع حقيقى، لذلك كان المشهد دراماتيكيًّا، أو بالأحرى عبثيًّا، إذ كانت طموحاتهما كبيرة فعلًا، لكن كليهما نسيا أنهما عرائس خشبية تحركها يد اللاعب المختفى وراء الستار، نسيا أنهما مجرد دمى لا حول لها ولا قوة، والله لا يمنح الأستاذية للدمى، ومع ذلك فقد كانت هناك صعوبات جمة وقفت فى طريق الدميتين عندما اكتشف الجمهور أنهما عرائس خشبية.
■ ■ ■
(فى الشعر العربى قصيدة من عيون الحكمة للشاعر إليا أبو ماضى يقول فيها:
نسى الطينُ ساعة أنه طين حقير فصال تيها وعربد.
وكسى الخز جسمه فتباهى وحوى المال كيسه فتمرد.
يا أخى لا تمل بوجهك عنى ما أنا فحمة وما أنت فرقد.
أنت مثلى من الثرى وإليه فلماذا يا صاحبى التيه والصد.
أيها الطين لست أنقى وأسمى من تراب تدوس أو تتوسد).
الإمام فى عقيدة الشيعة الإمامية الإثنى عشرية معصوم، فهو المكلف بحفظ الرسالة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، لذلك لا يتصورون أن يقع هذا الإمام فى خطأ، ولدى الشيعة الإمامية إثنى عشر إمامًا، أولهم سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه، وآخرهم هو محمد بن الحسن العسكرى الذى دخل سردابا، وهو بعد صغير ثم اختفى وينتظرون ظهوره فى آخر الزمن، عاش الشيعة عمرهم حول تلك الإمامة المعصومة، واعتبروها من أصول عقيدتهم لا من فرعياتها، لم يقل أحد منهم إنها «إمامة سياسية»، لكنها إمامة دينية دنيوية مقدسة، ولم يقل أحد منهم إنهم ابتدعوها بعد «الفتنة الكبرى»، لكنها عندهم هى أصل العقيدة، فكما يؤمنون بالرسول فإن الإيمان لديهم لا يصح إلا إذا آمنوا بالإمام وعصمته وتبليغه الرسالة تمامًا كالرسول صلى الله عليه وسلم، وقد (تفردت الإمامية من بين الفرق الإسلامية بإيجابها عصمة الإمام من الذنب والخطأ، مع اتفاق غيرهم على عدمها. قال الشيخ المفيد: إن الأئمة معصومون كعصمة الأنبياء، ولا تجوز عليهم صغيرة إلا ما قـَدَم ذكر جوازه على الأنبياء، ولا ينسون شيئًا من الأحكام، والإمام منفذ لما جاء به الرسول، وحافظ للشرع، وقائم بمهام الرسول كلها، فلو جاز عليه الخطأ والكذب، لا يحصل الغرض من إمامته).
وتـُعرف الشيعة الإمامية بالفرقة الإثنى عشرية، ويقولون عن سبب هذه التسمية: (ومبعث هذه التسمية هو اعتقادهم باثنى عشر إمامًا من بنى هاشم نص عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله، كما هو معلوم للجميع، ثم نص كل إمام على الإمام الذى بعده، بشكل يخلو من الشك والإبهام، ولقد تضافر عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه يملك هذه الأمة اثنا عشر خليفة كعدد نقباء بنى إسرائيل).
ويؤمن الشيعة بـ«التقية»، ويتوسعون فى استخدامها ويقولون بشرعيتها فى كل الأحوال، ويعتبرون أنها «إظهار للكفر، وإبطان للإيمان»، بمعنى أن الشيعى الذى يعتبر التقية من أصول عقيدته يجيز لنفسه أن يُظهر أمام غير الشيعة رغبته فى التقريب بين السنة والشيعة فى الوقت الذى يبطن فى قلبه الكفر بالمذاهب السنية، وذلك من أجل أن يحقق أغراضه، ومفهوم التقية عند الشيعة هو (اتخاذ الوقاية من الشر).
ويستدلون على شرعيتها بقول الله سبحانه (مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ) «النحل 106».
ويستدلون أيضا على ذلك بقوله سبحانه (إلا أن تتقوا منهم تقاة) «آل عمران 28»، والمستدل من الآيات أنها ترخص بالتقية فى أوقات الضرورة القصوى، فهى ليست منهج حياة، ولا أسلوب دعوة، لكنها من أساليب مواجهة أعداء الإسلام فى وقت الاستضعاف، وبالتالى لا يُجيز أحد من أهل السنة استخدام التقية بين المسلمين فى حياتهم ونظام حكمهم، لكن الشيعة يستخدمونها وهم يتعاملون مع أهل السنة، ويرون أنها طريقتهم المثلى لاختراق المجتمعات والدول المسلمة السنية، ويقول علماء الشيعة عن الظروف التى دفعتهم إلى اعتناق التقية كمنهج لهم فى حياتهم فى مواجهة أهل السنة إن (الذى دفع بالشيعة إلى التقية بين إخوانهم وأبناء دينهم، إنما هو الخوف من السلطات الغاشمة، فلو لم يكن هناك فى غابر القرون - من عصر الأمويين ثم العباسيين والعثمانيين -أى ضغط على الشيعة، ولم تكن بلادهم وعقر دارهم مخضبة بدمائهم كان من المعقول أن تنسى الشيعة كلمة التقية، وأن تحذفها من ديوان حياتها، لكن يا للأسف! فإن كثيرًا من إخوانهم «يقصد السُنـَّة» كانوا أداة طيعة بيد الأمويين والعباسيين الذين كانوا يرون فى مذهب الشيعة خطرًا على مناصبهم، فكانوا يؤلبون العامة من أهل السنة على الشيعة يقتلونهم ويضطهدونهم وينكلون بهم، ولذا ونتيجة لتلك الظروف الصعبة لم يكن للشيعة، بل لكل من يملك شيئًا من العقل وسيلة إلا اللجوء إلى التقية أو رفع اليد عن المبادئ المقدسة التى هى أغلى عنده من نفسه وماله).
وإذ نظر حسن البنا إلى عقيدة الشيعة وجدها مناسبة لنفسيته وإحساسه بذاته، فهو يرى فى نفسه الإمام المهدى، وأتباعه يرون أنه أكثر من ذلك، كما أنه رسم طريقًا لنفسه ظل يسعى من خلاله إلى استعادة الخلافة على أن يكون هو الخليفة الإمام، فيجمع ما عند السنة بما عند الشيعة، وقد أدرك من أول وهلة أن طريقه الذى رسمه لنفسه سيكون مليئًا بالصعاب والأهوال، لذلك فإن التقية يجب أن تكون من أدواته وهو يرفع مصحفه فى وجوه المسلمين، ليكون طريق السيف والقوة ممهدًا له بعد ذلك، ومن بعده سارت جماعته على منهج التقية، لم تغادره لحظة بل مارسته فى كل العهود، وفى كل المواجهات مع الأنظمة المسلمة التى رفعت السلاح فى وجهها، لذلك قفزت فى ذهنه فكرة التقريب بين السنة والشيعة، والملاحظ أن البنا لم يهتم بتقريب الشيعة للسنة ودفعهم إلى التنازل عن بعض عقائدهم، لكنه سعى إلى تقريب السنة من الشيعة والفارق كبير بين هذا وذاك، وقد أسفرت جهوده عن صدور فتوى الشيخ محمود شلتوت شيخ الجامع الأزهر بجواز أن يقوم أهل السنة بالتعبد لله على مذهب الشيعة الإثنى عشرية، واعتبر شلتوت أن هذا المذهب هو من المذاهب السنية! وعلى هذا المنهج سار الإخوان، وسيظلون عليه حتى ولو تسلفوا ظاهرًا.

اقرأ فى الحلقة القادمة «الأحد»
كيف وضع الإخوان حسن البنا فى مكانة الرسول؟
المصدر التحرير

0 التعليقات:

إرسال تعليق