السبت، 8 يونيو 2013
11:22 م

ثروت الخرباوى يواصل «أئمة الشر»: البنا.. إمام الإخوان «المعصوم » ! «12»




تقديس البنا عند الإخوان يماثل قداسة الأئمة الاثنى عشر عند الشيعة
على موقع «إخوان أون لاين» ستجد ركن «الربانية فى مذكرات حسن البنا».. وستقرأ عشرات القصص «اللاهوتية» عن القديس البنا كأنه «نصف إله ونصف بشر»
رسائل البنا أخذت جهدًا كبيرًا وواسعًا فى الشرح من كل مفكرى الجماعة حتى وصل عدد المؤلفات بشأنها إلى ما يزيد على مئتى مؤلَّف.. كأن هذه الرسائل دين جديد حل محل دين الإسلام
وضع البنا نفسه فى مصاف النبى صلى الله عليه وسلم.. فما دام إسلام المرء لا يتم إلا بإيمانه بالرسول صلى الله عليه وسلم فإن إيمان الإخوانى لا يتم إلا إذا آمن بحسن البنا
«سلسبيل عين فى الجنة واحنا اشتقنا لحسن البنا»، كان هذا هو الهتاف الذى أطلقه خيرت الشاطر الإخوانى العتيد عقب خروجه وسط حرَّاسه من مبنى نيابة أمن الدولة عام 1992 عقب أن أصدرت النيابة قرارًا بحبسه احتياطيًّا على ذمة التحقيق فى قضية سلسبيل، وحين أطلق الشاطر هتافه تجمع حوله عشرات من شباب الإخوان الذين كانوا يقفون أمام مبنى النيابة، وانضموا إليه فى هتافه بحماس كبير.. وعن بعد وقف عشرات من جمهور المصريين العاديين، وهم يرقبون هذا المشهد الغريب.. مجموعة تنتمى إلى فصيل إسلامى تهتف بشعارات تعبر فيها عن شوقها لـ«حسن البنا»! لم تسمع هذه الجماهير، وأظنها لن تسمع أى هتاف يُعبِّر فيه الشاطر وإخوانه عن شوقه وشوقهم للرسول صلى الله عليه وسلم! أيشتاقون إلى رسولنا ولديهم رسولهم! كان حسن البنا هو إمامهم المعصوم، نفس المعصومية والقداسة التى عند الشيعة بالنسبة إلى الأئمة الإثنى عشر.
يخرج الإخوانى الكبير عباس السيسى من محبسه فى بدايات السبعينيات من القرن الماضى فيؤسس دار نشر بالإسكندرية وينشر من خلالها عشرات الكتب عن حسن البنا أهمها «حسن البنا مواقف فى الدعوة والتربية»، و«فى قافلة الإخوان المسلمين»، إلا أنه لم يكتب فى حياته، إلى أن توفاه الله، أى كتاب عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن سيرته!
يصفون فى الإخوان الحاج جمعة أمين بأنه أحد أهم مفكرى الجماعة، ذلك أنه كتب العديد من الكتب التى يصنفها البعض على أنها إسلامية مثل كتاب «شرح الأصول العشرين»، أو كتابه عن تاريخ جماعة الإخوان، إلا أن أحدهم لم تقع عينه على كتاب لجمعة أمين يشرح فيها أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، أو على الأقل يضع خواطره الإيمانية حول «الأربعين النووية»، فقد شغلته عشرون حسن البنا عن أربعين الرسول صلى الله عليه وسلم! كما لم يكتب عن سيرة النبى صلوات الله عليه ولا عن تاريخ الصحابة فقد هام حبًا بالبنا وتاريخه وانشغل به عن ما سواه!
أما عمر التلمسانى مجدد الإخوان فلم يكتب إلا مذكراته فى الإخوان ورؤيته السياسية لحكم عبد الناصر، وكتب أيضا كتابا اسمه «حسن البنا الملهم الموهوب»، ولم يسطر كلمة فى كتاب عن حب الرسول وسيرته.
محمود عبد الحليم مؤرخ الإخوان الكبير وضع سيرة النبى خلف ظهره ذلك أنه لم يكتب إلا عن حسن البنا وتاريخه، بل إن الدكتور يوسف القرضاوى كتب فى الفقه كثيرًا، وشرح رسائل البنا، وأركان البيعة، ولم يكتب كتابًا واحدًا عن فقه السيرة النبوية مع أهمية الأمر.
وقد يلحظ أى مهتم بالإخوان أن رسائل حسن البنا أخذت جهدًا كبيرًا وواسعًا فى الشرح من كل مفكرى الجماعة حتى وصل عدد المؤلفات بشأنها إلى ما يزيد على مئتى مؤلف، وكأن هذه الرسائل هى دين جديد حل محل دين الإسلام.. اقرأ شرحها فى كتب سعيد حوى، والقرضاوى، ومحمد بديع المرشد الحالى للإخوان، وعبد الكريم زيدان وغيرهم، وبعد أن تقرأ شروح هذه الرسائل تمهل فإنك حتمًا ستجد أن الجماعة تتقدم خطوة خطوة نحو تقديس حسن البنا الذى تحوّل إلى داعية ربانى لا يتصور وقوعه فى الخطأ أو الزلل.. وعلى يد موقع «إخوان أون لاين» ستجد ركن «الربانية فى مذكرات حسن البنا»، وستقرأ عشرات القصص «اللاهوتية» عن القديس البنا، وكأنه نصف إله ونصف بشر.. ذلك الرجل المعجزة الذى تجرى المعجزات والخوارق على يديه حتى إن ابنه أحمد سيف الإسلام خرج علينا فى حوار له بشأن «قصة حياة البنا»، وإخراجها فى عمل فنى بأن: حسن البنا لم يقع فى خطأ واحد فى حياته، وأنه كان ملهمًا من قبل الله سبحانه وتعالى!
كيف تسربت هذه الأفكار إلى كيان جماعة الإخوان، وهل كانت جزءًا أصيلًا من أفكارهم أم أنها كانت دخيلة عليهم؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل يجوز لأحد أن يضع بشرًا فى مكانة عليّة تصل إلى مكانة المصطفى صلوات الله عليه؟ هل يكتمل إيمان مسلم يحب أحدا قدر حبه للرسول؟ الإجابة أيضا من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذى أورده البخارى من حديث عبد الله بن هشام أن عمر بن الخطاب قال للنبى صلى الله عليه وسلم «لأنت يا رسول الله أحب إلىّ من كل شىء إلا من نفسى»، فقال: لا والذى نفسى بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال له عمر: فإنك الآن والله أحب إلىّ من نفسى. فقال: الآن يا عمر «أى الآن اكتمل إيمانك، وقال القاضى عياض إن ذلك شرط فى صحة الإيمان.. فإذا كان حب النفس أكثر من حب الرسول يقدح فى تمام الإيمان مع أن حب الإنسان لنفسه طبع وفطره فما بالك إذا ساوينا آخر مع الرسول صلى الله عليه وسلم فى المحبة والاتباع؟!
وقد بات هذا التقديس ظاهرا للكل، ويدل على خلل فى مشاعر «جماعة الإخوان» الإيمانية، ولا أظننا سنجد كاتبًا إخوانيًّا يستعرض فكرة إسلامية إلا وقال: قال البنا.. قبل أن يقول.. قال الرسول!.. ولن تسمع خاطرة إيمانية من إخوانى قديم إلا وجدته يذكر قصة للبنا يستدعى من خلالها دموع السامعين، وكأن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم لا تصلح للاستدلال بها، فجاء حسن البنا ليسد النقص فيها! حاشا لله.
لا شك أن شخصية حسن البنا كانت مؤثرة فى أتباعه، فمعظمهم كان قليل الثقافة والفكر، كانوا صغارًا وكان أعلى منهم همة وقدرة وجاذبية، ففتنوا به واعتبروه الإمام المهدى أو أعلى درجة، وهو فوق ذلك صنع لنفسه فى أذهانهم صورة ملائكية، فقد صور نفسه كإمام تجرى الخوارق على يديه، ففى كتابه مذكرات الدعوة والداعية يقول عن أمر شق عليه عندما كان طالبًا، ذلك أن امتحانه فى معهده كان على وشك الانعقاد، وهو لم يتم مذاكرته بعد فحدث كما يقول (وإن من فضل الله تبارك وتعالى أنه يطمئن ويسكن نفوس عباده وإذا أراد أمرًا هيأ له الأسباب فلا زلت أذكر أن ليلة امتحان النحو والصرف رأيت فى ما يرى النائم: أننى أركب زورقًا لطيفًا مع بعض العلماء الفضلاء الأجلاء يسير بنا الهوينا فى نسيم ورخاء على صفحة النيل الجميلة، فتقدم أحد هؤلاء الفضلاء، وكان فى زى علماء الصعيد، وقال لى: أين شرح الألفية لابن عقيل؟ فقلت: ها هو ذا، فقال: تعالى نراجع فيه بعض الموضوعات، هات صفحة كذا، وصفحة كذا، لصفحات عينها، وأخذت أراجع موضوعاتها حتى استيقظت منشرحًا مسرورًا، وفى الصباح جاء الكثير من الأسئلة حول هذه الموضوعات فكان ذلك تيسيرًا من الله تبارك وتعالى)، ونجح حسن البنا فى الامتحان، وتفوق فيه بسبب أن الله أرسل له فى المنام من يذاكر له الدرس الذى لم يقرأه، لم يرسل الله له رجلًا عاديًّا، لكن أرسل له بعض العلماء الفضلاء الأجلاء! فكان الدرس الخصوصى، وكان النجاح، وكأن هؤلاء العلماء الذين جاؤوا له فى المنام هم من وضعوا الامتحان!
كان إحساس البنا بإماميته للأمة ظاهرًا حين أطلق على نفسه لقب «الإمام»، حينما كان لا يزال فى بدايات شبابه، لكنه أيضا حينما آمن بهذه الإماميه قام بتوريثها لأتباعه، فيقول الأستاذ محمود عساف سكرتير حسن البنا فى مذكراته ناقلًا كلمات قالها له البنا (انظر يا محمود إن الإيمان بالإسلام يقوم على شهادتين: لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ولا تصلح الشهادة الأولى وحدها ليصير الشخص مسلمًا ذلك لأن النبى صلى الله عليه وسلم يتجسد الإسلام فى شخصه، وبالتالى يجب أن يكون الإيمان بالفكرة وصاحبها معًا فلسنا جمعية ولا تشكيلًا اجتماعيًّا، لكن نحن دعوة فلا بد من الإيمان بها والسير على نهج داعيتها والعمل على تطبيق أفكاره).
وضع حسن البنا نفسه فى مصاف النبى صلى الله عليه وسلم، فلطالما أن إسلام المرء لا يتم إلا بإيمانه بالرسول صلى الله عليه وسلم، فإن إيمان الإخوانى لا يتم إلا إذا آمن بحسن البنا، وضع البنا نفسه فى مقام النبى، ووضع كلمة الدعوة فى مقام الإسلام، وعلى هذا الأمر سار الإخوان، فهم يقولون دائمًا عن حسن البنا إنه «صاحب الدعوة»، وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم تنازل عنها للبنا، وسبحان الله! مرة يقول فريق من الشيعة إن «الدعوة كانت لعلى بن أبى طالب»، ومرة يقول الإخوان «إن البنا هو صاحب الدعوة»، وكأن هناك تنازعًا فى ملكية الدعوة!
ولأن البنا فى ضميره وضمير الإخوان هو صاحب الدعوة، لذلك يجب أن يكون فهمه للإسلام هو الفهم المعتمد الذى لا يجوز مناقشته أو الاختلاف فيه، وهذا هو ما أكد عليه البنا لأعضاء الجماعة، إذ أوضح لهم أن الإسلام لا يُفهم إلا فى حدود الأصول العشرين التى وضعها لهم، لا يجوز لهم أن يضيفوا لها أو أن يحذفوا منها، فإذا ما أرادوا فهم الإسلام فيجب أن يطرقوا باب البنا الذى معه مفاتح الفهم وحده، ولتأكيد هذا قال فى تفسير ركن «الفهم»، الذى هو أحد أركان البيعة:  إنما أريد بالفهم أن توقن بأن فكرتنا إسلامية صحيحة، وأن تفهم الإسلام كما نفهمه فى حدود الأصول العشرين الموجزة كل الإيجاز).
وحينما وجد أن الجماعة ضمت بعض الشباب الذى يفكر ويناقش ويجادل أراد أن يخضعهم لطريقته وأسلوبه وفهمه هو وحده، ولِمَ لا وهو الإمام المهدى الذى أرسله الله ليجدد للأمة أمر دينها! هو الإمام الذى لديه كنوز من المعرفة الربانية كنزها لنفسه وأعطاها لأصحابه القطرة وراء الأخرى! لذلك قال فى أحد الأيام للشيخ الشاب الدكتور عبد العزيز كامل عندما وجده يفكر (أنا أعلم نوع تفكيرك وتمسكك بالسنة، وستأتى أيام وظروف قد نختلف فيها، وأود فى هذه الظروف أن تترك رأيك لرأيى، ألا تطمئن إلىّ).
وبذلك أغلق البنا على المسلمين أبواب الفهم، واحتكرها لنفسه، وما ذلك إلا لأنه «الإمام المهدى»، الذى طال انتظاره، والذى يصحح للناس أفهامهم الدينية ويجعلهم قالبًا واحدًا، أما أولئك الفقهاء الكبار الذين اجتهدوا ووضعوا قواعد ذهبية فى تنوع الأفهام وتعدد الصواب واختلاف الفتوى باختلاف الزمان والمكان، فأولئك ليست الجماعة منهم فى شىء، إذ إنهم لا يعرفون إلا حسن البنا وحده، ولا يفهمون غير أفكاره، ولا يتقربون إلى الله بالدعاء إلا من خلال الأدعية التى جمعها البنا، وجعل منها أذكارًا للجماعة.
■ ■ ■
كان قتل حسن البنا نكبةً وقعت على رؤوس الإخوان، فبكوه وأسرفوا فى البكاء، ورثوه وأسرفوا فى الرثاء، فهذا هو الأستاذ عمر التلمسانى يقول بعد مقتل البنا (وكف القلب المعلق بالعرش عن النبض فى هذه الحياة لينبض فى مقعد صدق عند مليك مقتدر).
وبذلك يكون الإخوان قد دخلوا فى علم الله، وتألهوا على الله، وقطعوا بلا غيب الذى لا يعرفه إلا الله، لم يقل الأستاذ التلمسانى وهو يرثى شيخه كلمة تفيد بشرية أفهامنا وعدم معرفتنا بالغيب مثل «نحسبه فى مقعد صدق عند مليك مقتدر والله حسيبه»، لكنه قطع بمكانه ومكانته عند الله! ولِمَ لا أليس هو فى ضمائرهم الإمام المهدى.
وحين جمع الإخوان ما قيل عن حسن البنا من الإخوان الذين صاحبوه وضعوا ما قالوه فى كتاب يؤرخ لتقديسهم لشيخهم، وحين تقرأ كلام تلاميذ البنا عنه لا تجدهم يتحدثون عن واحد من بنى البشر، لكنهم يتحدثون عن نصف إله، فهذا مصطفى السباعى الذى كان مراقب الإخوان فى سوريا وقت وفاة حسن البنا، وظل فى موقعه هذا عدة سنوات بعدها، يقول عن حسن البنا: (فما هو إلا النور المرسل من السماء، ليكشف عن أهل الخلود ظلماتهم، ثم يظل فى السماء دائمًا وأبدًا، ولن يختلط بتراب الأرض، إلا كما تقع أشعة الشمس على أعلى القصور وأدناها).
الصورة التى رسمها مصطفى السباعى هنا لشيخه ومرشده حسن البنا هى الصورة الماثلة فى أذهان عموم الإخوان، حسن البنا عنده وعند باقى الإخوان ليس بشرًا عاديًّا يمشى مثلنا فى الأسواق، ويرد عليه ما يرد على باقى البشر من نقص وذلل وهوى وميل وخطأ، لكنه نور من السماء، نور خالص لا يختلط به زيغ، أنزله الله من السماء ليكشف الظلمات التى كانت تخيم على الأرض فيحيلها نورًا سرمديًّا، ومع ذلك فإن هذا النور لن يتنازل كما تنازلت الأنبياء من قبل! فيهبط على الأرض ليختلط بالناس هاديًّا لهم، ومنيرًا لهم حياتهم، لكنه سيظل فى السماء لا يتدنس بطين الأرض، يظل فى السماء مثل الشمس، بعيدا عن بنى البشر، فقط أشعته الذهبية هى التى ستصل إلينا، أما هو ففى السماء دائمًا وأبدًا، دائما وأبدا! يا سبحان الله، هل نملك إلا أن نتعجب من هذه العبارات الشركية، وهل لنا أن نسأل الإخوان: طالما أن نور حسن البنا أضاء القصور من أعلاها إلى أدناها، ألم يلحظ أحدهم أن نور البنا أضاء القبور أيضا؟! إذ لربما يكون مصطفى السباعى نسى أن نور البنا له امتداد سرمدى لا ينقطع، ولِمَ لا وهو الذى سيظل «دائما وأبدا» لا ينقضى ولا ينتهى! وقد يمتد هذا النور فيصل إلى الجنة ليؤنس المؤمنين، وقد يتغمد الله أهل النار برحمته فيصل نور البنا إلى النار فيطفئها! وإنا لله وإنا إليه راجعون.
لذلك لا يأخذنا العجب، حينما نقرأ فكرة «الإمامية» واضحة جلية فى عيون الإخوان، إذ اعتبروا حسن البنا الإمام الملهم الموهوب الذى لم يقع فى حياته فى خطأ قط، فيقول الإخوانى السورى الكبير سعيد حوى رحمه الله: «ونعتقد أنه لا جماعة كاملة إلا بفكر الأستاذ البنا وإلا بنظرياته وتوجيهاته».
فى الفقرة السابقة يتحدث سعيد حوى، وهو أحد كبار الإخوان الذين تولوا مسؤولية الإخوان فى سوريا من عام 1979 إلى عام 1982 ثم أصبح من كبار المسؤولين فى تنظيم الجماعة الدولى، وتوفى عام 1989 يتحدث عن حسن البنا وجماعة الإخوان، فيدخلهما إلى دائرة الكمال، ويضع قاعدة إخوانية مفادها أن فكر حسن البنا هو «الفكر الكامل»، الذى استحوذ على درجة الكمال، وأن الجماعة لم تصبح كاملة إلا بفكر البنا وتوجيهاته!.
شيخهم البنا هذا حيَّر ألبابهم وسلب عقولهم وقلوبهم، وأصبح فى نظرهم مساويًّا لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، حتى إن الأستاذ محمود عبد الحليم، رحمه الله، يقول عنه فى كتابه «الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ.. الجزء الأول»، «لقد كنت أحار فى تصور قول أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها عن رسول الله إنه كان خلقه القرآن، حتى لقيت حسن البنا وصاحبته فبدت الصورة تتضح أمامى».
وعلى ذات النسق يقول المرشد الثالث الأستاذ عمر التلمسانى عن حسن البنا المرشد الأول: (لما كان الأمر أمر تجميع، وتكوين، وتوحيد مفاهيم أمة مسلمة، لما كان الأمر عودة المسلمين إلى الإيمان، لما كان الأمر كذلك اختار الله لهذه الدعوة إمامها الشهيد حسن البنا).
فى رأى الأستاذ التلمسانى، رحمه الله، أن الإيمان قبل البنا كان إيمانًا غائبًا تمامًا مثل الإمام الغائب الذى سيعيد إلى الأمة إيمانها، وعندما أراد الله سبحانه أن يعيد إلى الأمة إيمانها الغائب الذى اختفى قطعًا فى سراديب الجهالة اختار واحدًا من خلقه ليس مثل باقى الناس، هو حسن البنا، اختاره كى يعيد إلى الأمة دينها المفقود، ولعلنى لا أتعجب من هذه المفاهيم التى أصبحت هى النسيج العام لعقل الجماعة وقلبها، فحسن البنا نفسه يتحدث فى رسائله عن إيمان الإخوان، وإيمان غيرهم، فيقول فى رسالة دعوتنا (والفرق بيننا وبين قومنا بعد اتفاقنا فى الإيمان أنه عندهم إيمان مخدر نائم فى نفوسهم لا يريدون أن ينزلوا على حكمه، ولا أن يعملوا بمقتضاه، على حين أنه إيمان ملتهب مشتعل قوى يقظ فى نفوس الإخوان المسلمين)، أنزل حسن البنا حكمه على قومه كلهم، فقال إن إيمان قومنا مخدر، أطلق الرجل حكمه ولم يقيده، ولم يضع فيه استثناء، ولم يقل حتى عبارة «إلا من رحم ربى»، تلك العبارة التى نستثنى بها أقوامًا إذا تحدثنا بنقيصة ورزيلة عمت وفشت، الاستثناء الوحيد الذى وضعه البنا هنا هو «إيمان الإخوان»، فقط هم أصحاب الإيمان الملتهب المشتعل القوى اليقظ!
وبعد سنوات من مقتل حسن البنا بات من المعروف داخل الإخوان أن لقب البنا هو «الإمام الربانى» أو الملهم الموهوب، بل إن كتابات الإخوان حاليًّا فى صحفهم ومواقعهم أخذت منحى آخر، إذ يكتبون دائمًا عبارة: «حسن البنا رضى الله عنه»! وكان من أعلام الإخوان الذين استخدموا هذه العبارة القطب الإخوانى الكبير الشيخ محمد عبد الله الخطيب، حيث وضعها كعنوان لمقال له فى جريدة «الحرية والعدالة»، وكأن البنا كان من الصحابة المقربين أو أعلى منزلة منهم، ولا يقدح فى هذا ما قد يقال من الإخوان تبريرًا لهذه العبارات، أن هذه الصيغة صيغة دعاء! لأن السياق اللغوى يظهر منه أنها صيغة إخبار لا دعاء.
وإذا كان حسن البنا رضى الله عنه، فمن يتحمل أمام الله وزر قتل النقراشى والخازندار وسيد فايز، وكثير من الأبرياء؟ الإمام المعصوم لا يتحمل الأوزار هو فقط يأمر بها.
اقرأ فى الحلقة القادمة «الثلاثاء».. عقيدة الكذب والتقية عند الإخوان والشيعة
المصدر التحرير

0 التعليقات:

إرسال تعليق